أثر العلم في نفوس المسلمين وبناء الدولة المسلمة
بقلم حسام الدين العشاوي
عضو رابطة علماء ودعاة سورية
الحمدلله ثم الحمد الله وافضل الصلاة واتم التسليم على أكرم المرسلين سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه اجمعين
وبعد:
يقول تعالى في سورة النمل
{قال عفريت من الجن أناآتيك به قبل ان تقوم من مقامك وإني عليه لقوي امين}
{قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد اليك طرفك—}
بداية لو أوجزنا معنى الآيتين:
في الاولى : العفريت هو المتمرد والداهية والقوي،والجني هو المخلوق من النار ويتميز بصفات منها الصعود الى الاعلى واختراق الجدران ودخول الأماكن المغلقة لذلك أبى أبليس ان يسجد لآدم لأنه رأى نفسه خيرا منه كما ذكر في كتاب الله حيث انه مخلوق من نار وآدم من طين،
في تفسير الآية :يقول العفريت انه سيأتي بعرش بلقيس قبل أن يقوم نبي الله سليمان من مقامه ومقام سليمان هو مجلسه كان يجلس ليقضي بين الناس
قال ابن عباس:كان يجلس من الصباح الى غروب الشمس وقيل من الضحى إلى الظهر، أي أن فترةإحضار الجني لعرش بلقيس تستغرق منه بضعة ساعات
وفي تفسير الآية الثانية {قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} قال المفسرون بالشخص الذي عنده علم من الكتاب هو (آصف بن برخيا) وقيل غير ذلك أيا يكن كان من اهل الإيمان والتقوى ويعلم اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب فدعاالله فحضر العرش أي انه أتى بالعرش بلمح البصر،وفي المقارنة بين الجني وبين الذي عنده علم من الكتاب من ناحية الزمن فإن الفرق كبير بينهما بالرغم مايتمتع به الجني وماذكرنا من صفات العفريت والجني فلم ينفعه دهاؤه وقوته أمام الذي عنده علم من الكتاب▪
من الدروس والعبر فيماذكرنا في الآيتين:
1-فضل العلم والتعلم والاهتمام بشأن العلم
2-القدرات والإمكانيات التي يحظى بها صاحب العلم
3-شرف العلم وكرامته
وينبغي ألا يغيب عن أذهاننا أن العلم ينبغي أن يكون مصحوب ومحفوف بالتقوى فالذي عنده علم من الكتاب كان من أهل التقوى ويعرف اسم الله الأعظم فينيغي الجمع بين العلم والتقوى
فالعلم وحده لايكفي دون تقوى لأننا نكون كما قال سيدنا عمر نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله، وإذا سأل سائل كيف السبيل إلى العلم نقول له عليك بتقوى الله أماسمعت قوله تعالى {واتقوا الله ويعلمكم الله}
ولايغيب عن ذهنناأن بدء الوحي كان بالدعوة إلى القراءة والتعلم
حيث قال تعالى {إقرأ باسم ربك الذي خلق○خلق الإنسان من علق ○إقرأ وربك الأكرم ○الذي علم بالقلم ○علم الإنسان مالم يعلم}
فقد نبه تعالى في هذه الآيات على شرف وكرم وفضل العلم وفي تكرار كلمة إقرأ إشارة إلى الاهتمام بالعلم والقراءة
إن مثل العلم والجهل يتمثل في قوله تعالى {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون}
ويتمثل في قوله تعالى {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}
أيها الإخوة واجبنا اليوم: التسلح بالعلم فالعلم سلاح وان نحث شبابنا على العلم والتعلم المتوج بتقوى الله فالعلم يرفع بيوتا لاعماد لها والجهل يهدم بيوت العز والكرم اوالشرف
خاصة وماتشهده الامة الإسلامية من الضعف والهوان وتسلط أعداء الاسلام على المسلمين ونهب لثرواتنا وإن كان بسبب بعدنا عن الله وتقاعسنا لكن لاننكر تفوق الغرب علينا في شتى مجالات العلوم فإن الغرب اليوم يتنعمون بالرفاهيةورغد العيش وبمقومات الحضارة المادية ،أسواقهم أسواق إنتاج بينما أسواقنا أسواق استهلاك هم مضرب المثل في علم الفلك وعلم الصناعات والإختراعات والتكنوجيا الحديثة وعلم الطب والتسلح العسكري وهذا كله ثمرة لعرق جهودهم الفكرية والعلمية
فالله تعالى يقول { كلا نمد من هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وماكان عطاء ربك محظورا }
أي أن الله تعالى أخذ على عاتقه والزم نفسه كل من يبذل جهدأيا كان الجهد علمي زراعي اقتصادي أن يكافئه على هذا الجهد سواء من هؤلاء او هؤلاء أي من الكفار او المسلمين، فإن الله تعالى لايرضى أن يبخس عمل عامل أيا كان ؛ يقول تعالى { ولاتبخسوا الناس أشيائهم}
اللهم اكرمنا بالعلم وافتح علينا بأنوار المعرفة والعلم وزدنا علما وفقها في الدين برحمتك ياأرحم الراحمين ‘