بقلم الشيخ فياض العبسو عضو رابطة علماء ودعاة سورية
___________________________
المرأة … وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم
لقد أولى الإسلام المرأة عناية ورعاية خاصة واعتبرها أخت الرجل وشقيقته وتوأم روحه لاشتراكهما في الأصل الإنساني . وفي الحديث الصحيح : ” إنما النساء شقائق الرجال ” . رواه أحمد والترمذي وأبو داود . ومعنى الحديث أن النساء مثيلات الرجال إلا فيما اختص الله به كلا منهما من حقوق وواجبات .
خلقها الله من نفس الرجل ليسكن إليها ويأنس بها وتكون شريك حياته وربيع عمره … ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها … ) النساء: 1 .
والمرأة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” استوصوا بالنساء خيراً .. فإنهن عوان عندكم ( أسيرات ) أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله . رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما .
وحديث: ” ما أكرم النساء إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم “. غير ثابت لكن معناه صحيح . وكان من أواخر وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم ” حديث صحيح رواه أبو داود .
لقد كرم الإسلام المرأة تكريماً لا يدانيه تكريم .. واعتبرها كالجوهرة النفيسة يجب صونها والحفاظ عليها حرصاً على سمعتها وكرامتها وأنوثتها .. واحتراماً وتقديراً لدورها في بناء المجتمع … الذي ما وجد إلا يوم خلقت المرأة … فوجود المجتمع متوقف على وجود المرأة … وقضية المرأة قضية كل إنسان … فهي ليست نصف المجتمع فحسب .. بل هي صانع المجتمع … ومن هنا ساوى الإسلام بينها وبين الرجل في الحقوق والواجبات: ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة ) البقرة: 228 .
وهذه الدرجة هي درجة القوامة وهي درجة تكليف لا درجة تشريف … وهي لصالح المرأة وخدمتها والقيام على شؤونها … قال ابن عباس رضي الله عنهما: اني أحب أن اتزين لامراتي كما أحب أن تتزين لي .
لقد حرر الإسلام المرأة من الظلم والاستعباد والاضطهاد الذي حاق بها قبل الإسلام … عند جميع الأمم والشعوب … وأعطاها حقها في العلم والتعليم والعمل والميراث والملكية والحياة الزوجية … وشاورها واحترم رأيها وشاركها في اتخاذ القرار ، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع زوجه أم سلمة رضي الله عنها في صلح الحديبية كما في صحيح البخاري .
ومن تكريم الإسلام للمرأة أن جعلها مخطوبة ومطلوبة ويقدم لها المهر هدية تكريم … ويلزم الرجل بالنفقة عليها بنتاً وزوجة وأماً … فالمرأة إنسان كامل الإنسانية ، حرة كالرجل لها ما له وعليها ما عليه … كما اعتبر الإسلام المرأة خير متاع الدنيا … رواه مسلم وابن ماجة … وخير كنوز الدنيا … خير ما يكنز المرء المرأة الصالحة . رواه أبو داود … وخير ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله تعالى … ففي الحديث الذي رواه ابن ماجة: ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خير له من زوجة صالحة … وهي زهرة الحياة الدنيا … ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به ازواجا منهم زهرة الحياة الدنيا ) طة: 131 … والمراة ريحانة الدنيا …
إن النساء رياحين خلقن لنا = وكلنا يشتهي شم الرياحين
نرعاها طفلة ونفضلها على أنفسنا وهي شابة ونبذل لها من أموالنا وصحتنا وهي زوجة ونكرمها ونخدمها وهي كبيرة .
الأوائل من النساء:
والمرأة أول من آمنت بدعوة الإسلام ( خديجة الكبرى ) رضي الله عنها ، وجاءها السلام من الله …
وبشرت ببيت في الجنة من قصب لا نصب فيه ولا تعب .. ونزل جبريل عليه السلام على رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ، بأمر من الله خصيصاً لأجل ( خولة بنت ثعلبة ) وأخواتها … ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما ) المجادلة: 1 . وأول شهيد في الإسلام امرأة ( سمية بنت خياط ، أم عمار ( وأول معلمة في الإسلام ( الشفاء بنت عبد الله ) … والتي ولاها سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه ، الحسبة .
وأول ممرضة في الإسلام ( رفيدة الأسلمية ) وأول مجاهدة في الإسلام ( نسيبة بنت كعب المازنية ( وأول مهاجرة إلى الحبشة ( رقية مع زوجها عثمان ) وأول مهاجرة إلى المدينة أم سلمة ، ويقال: ليلى بنت أبي حثمة ، وسيدة نساء العالمين ( مريم بنت عمران وهي المرأة الوحيدة التي ذكر اسمها صراحة في القرآن الكريم … وسيدة نساء أهل الجنة: ( فاطمة الزهراء ) رضي الله عنها وأرضاها …
وأعلم امرأة في الإسلام ( عائشة بنت أبي بكر الصديق ) رضي الله عنها ، كما قال الإمام الذهبي رحمه الله . وفضلها على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام كما جاء في الحديث الصحيح المتفق عليه … وخطيبة النساء ( عاتكة بنت زيد ) وأكمل نساء العالمين أربع : آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، ومريم بنت عمران ، وخديجة زوج محمد ، وفاطمة بنت محمد ” متفق عليه . رضي الله عنهن جميعاً . وفي الحديث الصحيح : بلغ خديجة من ربها ومني السلام وبشرها ببيت في الجنة من قصب ( لؤلؤ مجوف ) لا صخب فيه ولا نصب . رواه البخاري في صحيحه .
نساء السلف:
ورحم الله نساء السلف فقد كانت الزوجة تعرض نفسها على زوجها ، فإن لم يكن له إليها حاجة ، استأذنته في قيام الليل !!!
وكانت تقول إحداهن لزوجها إذا هو خرج للعمل والكسب: اتق الله فينا ، ولا تطعمنا إلا من الحلال ، فإننا نصبر على الجوع ، ولا نصبر على النار .
وقد كان لهن دور كبير في تربية وتعليم أبنائهن …
كوالدة ربيعة الرأي ( أحد شيوخ الإمام مالك ) ووالدة الشافعي ، ووالدة سفيان الثوري ( أمير المؤمنين في الحديث ) فإنها كانت تقول له: أقبل على العلم ، وأنا أكفيك بمغزلي … ووالدة البخاري ووالدة عبد القادر الجيلاني وغيرهم رحمهم الله جميعا .
يقول أبو الطيب المتنبي :
فلو كانت النساء كمن ذكرنا = لفضلت النساء على الرجال
فما التأنيث لاسم الشمس عيب = ولا التذكيـر فخر للهلال !!