وقفة تأمُّل وتدبُّر:
د.سعد عبد الكريم العثمان
ذكر الله تعالى حشرتين في كتابه الكريم: النحل – الذباب، الأولى ذكرت في سورة النحل، والثانية ذكرت في سورة الحج، وقد ألَّف والدي – رحمه الله – كتابًا في الحيوانات المستصغرة في المنظور السطحي، وحقيقة أبدع في دراستها أيَّما إبداع، وله تعليق وتحليل، ومقارنة بين النحل والذباب، فَقَالَ رحمه الله تعالى:
إنَّ ( النَّحل) قد تلقى وحيًا، وتعاليم من السماء، قال سبحانه وتعالى:
” وأوحى ربك إلى النحل ” النحل: 68. وعندما التزم النحل بهذه التعاليم ونفَّذها، أصبح يأكل أفضل ما في الطبيعة: رحيق الأزهار، ثم يعطي أفضل الأطعمة: العسل، ضمن نظام مترابط ومتماسك ومنظم فى بيئة نظيفة…
أمَّا الذُّباب؛ فلم يتلق تعاليم سماوية، فبقي يأكل أقذر ما في الطبيعة، ويعيش في بيئة نتنة مستقذرة، ولا يعطي إلا الأمراض وإزعاج الناس، ويعيش الذباب في مجتمع مفكَّك، ليس بينه أي رابطة، تتصرف فيه كل ذبابة لوحدها، بعيدة عن الأخريات..
والنحل يعطي العسل، الذي فيه الشفاء، ” فيه شفاء للناس ” النحل: 69، بينما الذباب يقوم بالنَّهب والسَّلب، يسلب بشكل مزعج، قال الله في ذلك: ” وإن يسلبهم الذباب شيئًا لا يستنقذوه منه ” الحج: 73.
وفِي ذكر الحشرتين عبرة للنَّاس:
فالإنسان الذي يلتزم بتعاليم الله: هو إنسان أشبه ما يكون بالنَّحلة، التي تعطي دومًا، بلا كلل ولا ملل. أمَّا المتمرِّد الفوضوي المزعج المستغل؛ فتنطبق عليه حياة الذبابة..
فاختر لنفسك – أيها الإنسان – في أي مجتمع تريد أن تعيش:
مجتمع النَّحل، أم مجتمع الذُّباب..
جعلني الله وإياكم ممن يأكلون الطيب، وينشرون الطيب حولهم..
اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا، ونور أبصارنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا، اللهم اجعلنا من أهل القرآن، الذين هم أهلك وخاصتك يا أرحم الراحمين، واجعل والدي منهم، فإنَّه كان مع القرآن تلاوة وتدبرًا أكثر وقته في حياته..