متى تصحوا الجاليات المسلمة في أوروبا من غفلتها؟؟
بقلم الداعية الشيخ علي أحمد أبو الهدى
المهاجرين
الناظر في حال المسلمين في أوروبا ليبكي أسفاً على ما نحن فيه من تشرذم وتفرق، فلا مؤسسات تجمع ولا هيئات تدعم ولا أحزاب تعالج وتؤثر.
منتشرين كالجراد ولكن لا حياة لمن تنادي، لا تمثيل سياسي ولا حتى ديني، أقصى ما يجمع المسلمين هو المسجد في صلاة الجمعة حتى إذا رأيت تلك الجموع تبسمت قائلاً ما أجمل الجمع، فإذا انفض الناس انفضت معهم كل القضايا وعاد كل حزبٍ الى انشغاله واعماله ودنياه.
إن ما حصل مؤخراً في فرنسا من إساءة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن قبله أحداث نيوزلندا ومن بعدهم طعن المرأتين في باريس وغيرها من الأحداث لهي من الأمور الكبيرة التي يجب أن تسترعي نظرنا وفكرنا لمستقبل مجهول وغامض ومليئ بالمفاجئات القاسية على الجالية المسلمة في أوروبا إن لم نكن نحن من صناعه ورواد قراره بما ينفع الجالية والأمة سواء وعلى الصعيدين الإيجابي والسلبي.
فكلا الوجهين مطلوبٌ مهم جدا ففي الوجه الإيجابي تحسين الصورة لهذه الجالية وخدمتها وعلى الوجه السلبي دحض الشائعات ونفي الاتهامات والدفاع عن الحق.
حتى على النحو الآخر وهو الوجه السلبي الذي طالما يتغنى به الساسة في أوروبا في برامجهم الانتخابية وحملاتهم ضدنا ويستخدمونه شماعة أحلامهم وهو بسبب الشذاذ الذين يقومون ببعض الأعمال المسيئة للدين في المقام الأول ثم للدولة التي يعيش بها هؤلاء، من خلال تفجير أو قتل أو طعن، وغالبا ما تكون عبارة عن تهم، لهي من الأمور والمسؤوليات المهمة التي تحثنا جميعا أيضا على ان يكون لنا دور بارز في صناعة القرار داخل أروق أوروبا حتى نكثر في هؤلاء ونبعد من يفكر عن هذه الأمور بالطريقة الصحيحة.
هذه الأمور ليست أحلام عابرة ولا أفكار جانحة، فكم من مهاجرين أصبحوا يمتلكون المؤهلات والقدرات للدخول في ميدان المنافسة، بامتلاكهم عامل اللغة والثقافة والأوراق والمال والأمثلة كبيرة وكثيرة جلها من المهاجرين الجدد.
أحبتي: على الجاليات المسلمة في أوروبا أن تتعلم الدرس أن تتعلم أن زمن الهجرة قد ولى وحان وقت العمل، حان وقت الجد ونفض تراب الخوف عن الأعين الذي غطاها عشرات السنين، تحت مسمى ((مهاجرين)) عليهم البدء بتحمل المسؤوليات وأقصد في ذلك جيل الشباب الحديث الذي يمتلك العنفوان الجميل والغيرة الرائعة والموهبة الفذة والعلم والكفاءة والقدرة على التحمل.
علي الجاليات المسلمة وخاصة الشباب فيها أن تدخل كل ميدان من ميادين السياسة والاقتصاد والصناعة والبحوث والطاقة والأمن ودوائر صنع القرار بكل قوة فهي تملك المؤهلات لذلك وتملك ما هو أجمل وهو ((طاقة الشباب وعدم الشعور بالخوف))
هذا ما كان يفتقده الجيل السابق من المهاجرين بخوفه وجبنه، حيث كان همه الوحيد أن يتحصل على جواز سفر أو أوراق تتيح له السفر، حتى إذا حصل عليها نسي أموراً عظاماً تتعلق بدينه ومبادئه التي خرج منها الكثير منهم باندماجهم الخاطئ، حتى إن بعضهم تلاشت وتبخرت مبادئه وعقيدته مع أول خطوات وضعها في هذه البلاد.
لا نريد أن نكون كهولاً في العقول، كهولاً في التفكير، خائفين مرعوبين، وكأن جدران الصمت والخوف التي تركناها في بلادنا هاجرت معنا، تلك الجدران التي إن مررنا بها قلنا لبعضنا لا تتكلموا الجدران لها آذان!!!
لا نريد أن نكون سكارى العقول كما حصل للكثير ممن كان قبلنا، كان همه الوحيد أن يرضي عقله وإدمانه بالسرف في الشراب واقتناء فتاة ليل يضاجعها، ولا نريد أن نكون من السكارى الآخرين الذين تعلموا وأتقنوا بعض التخصصات ثم كانت مشفى ضخمة أو عيادة خاصة أو شركة أو مكتب أو منزل فخم وسيارة جميلة حديثة هي أقصى أمنياتهم.
وتنازلوا عن ميادين السياسة والقرار بحجة الخوف تارة والبعد عن المشاكل تارةً اخرى، حتى بتنا بلا تمثيل رغم أعدادنا الغفيرة في كل البلاد الأوروبية.
حتى بقينا لعشرات العقود محكومين بكلمة ((مهاجرين))
الى متى نبقى أمة محكومة بكلمة ((المهاجرين)) لا تمثيل ولا دوائر ولا نفوذ، وإن أنشئت إحدى تلك الأمور وقع فيها الخلاف على المناصب أو كانت مخفية عن الأنظار لا يسمع بها الا أصحاب المصلحة فقط!!
الى متى نبقى تحت رحمة هذه الفئات المحسوبة على المسلمين بأحزاب ضعيفة مهترئة لا قيمة لها ولا جدوى سوى التصفيق للباطل وإخراج بيانات التنديد؟ الى متى نبقى رهائن بعض الجمعيات والهيئات التي لم نرى منها سوى التبعية العمياء، فلا هم عملوا ولا هم صنعوا ولا سمحوا لغيرهم بالارتقاء بحجج مائعة، تجر خلفها ذيول الخوف الكبير من إغلاق مصدر رزقهم أو عدم التجديد في إقاماتهم.
لكل ذلك ولأجل أن نكون أصحاب قرار مؤثر في أوروبا نريد جيلاً يدخل كل ميدان من الميادين القرار في أوروبا كلٌ حسب بلده وقدرته وظروفه، نريد أن نشكل كيانات مؤثرة تؤثر في الشعب وتؤثر في القرار الداخلي والدولي وتكون مؤثرة خاصة فيما يدعم ديننا وإسلامنا الحنيف، نريد جهات مؤثرة يكون بيدها مصدر قوة حتى إذا ما أسيء لقدسية من مقدساتنا نهضت وعارضت وتكلمت وأثرت بالشكل الصحيح المطلوب.
أيها الشباب العربي المسلم أنتم أمل هذه الأمة أن تتمكنوا وأن تنافسوا حتى تصلوا الى تلك المواقع التي تكون بها هيبة للمسلمين، تحفظ كرامتهم وتصون كلمتهم وتحافظ على مقدساتهم. ونحن نثق فيكم أنكم أهل لذلك، نافسوا بقوة من خلال مؤهلاتكم وضمن الظروف المحيطة لذلك..
والله المستعان.